“Men are Particularly Good at Not Listening” (Arabic)

20210930

“الرجال بارعون بوجه خاص في عدم الاستماع”

 

عزة كرم (Azza Karam) هي أول سيدة تترأس التحالف العالمي للأديان من أجل السلام، والذي سيُعقد قريباً في ألمانيا. كيف تجعل القائدة ذات الأصول المصرية صوتها مسموعًا لدى رجال الدين الأقوياء؟ وكيف تنوي أن توحد المؤمنين؟

دي تسايت (DIE ZEIT): بروفيسورة كرم، تتقلدين واحدًا من أكثر المناصب التي يمكن للمرأة أن تشغلها غرابة: منذ عام 2020، كنت الأمين العام لمنظمة أديان من أجل السلام، على الرغم من أن القادة الدينيين رفيعي المستوى جميعهم رجال تقريبًا. ما مدى صعوبة عملك؟

عزة كرم: الأمر ليس بالصعوبة التي تتخيّلونها على كل حال! بادئ ذي بدء، لدينا الكثير من السيدات في منظمة أديان من أجل السلام لأننا لا نوظف فقط الشركاء من التسلسلات الهرمية الدينية، ولكننا نجمع أيضًا المؤمنين من القواعد الشعبية الذين يحدثون أثرًا في بلادهم، ولا يلزم أن تكون أسقفًا أو إمامًا أو حاخامًا لتقوم بذلك. كان اتحادنا العالمي متواجدًا منذ أكثر من خمسين عامًا، لكننا اليوم نحرص على ضم الشباب إلى صفوفنا. على الرغم من ذلك، فإنني كقائد أعترف أنه عادة ما يتعين عليّ أن أكرر كلامي حتى يتم الاستماع إليّ، فهناك من يصمون آذانهم ببساطة عندما تتحدث المرأة.

تسايت: وماذا تفعلين حينها؟

كرم: يعلو صوتي ويصبح كلامي أكثر حدة – هذا هو رد فعلي. أحاول ألا أرضخ لذلك، وإلا يتم اتهامك بأنك عاطفي أو هستيري وبالفعل تكافح العديد من المديرات مع هذا الاتهام. لطالما تساءلت لماذا يتصرف العديد من النساء في المناصب القيادية وكأنهن رجال. الآن فهمت السبب.

تسايت: لا تعد إدارة الأفراد أمرًا جديدًا عليكِ؛ فقد عملتِ في الأمم المتحدة في نيويورك لما يقرب من عشرين عامًا. ما الذي بدأتِ تلاحظينه الآن فقط؟

كرم: الطريقة التي نتحدث بها هي رد فعل لعدم الاستماع لبعضنا البعض. يحدث أحيانًا عدم الاستماع هذا من جانب النساء، إلا أن الرجال يجيدون ذلك بشكل خاص.

تسايت: لكن ألا يتم تجاهل القادة من الرجال أيضًا؟ على سبيل المثال، لدى البابا فرانسيس جيوش كاملة من الأساقفة الذين لا يكتفون بعدم الاستماع إليه فحسب، بل يحاربونه أيضًا.

كرم: لا أنكر ذلك، لكن المقارنة صعبة. تتمثل ميزتي في أنه على الرغم من أنني يجب أن أجمع القادة الدينيين وأتقن مهمة مشتركة معهم، إلا أنني لست قائدًا دينيًا بنفسي. في حين أن ميزة البابا هي أنه يمثل سلطة يدعمها الفاتيكان بصورة تقليدية.

تسايت: لديكِ مكتب صغير في مانهاتن ولكن على مقربة من مقر الأمم المتحدة.

كرم: نعم، تساعدنا علاقاتنا مع الأمم المتحدة أيضًا في عملنا كصانعي سلام. لكن سلطتي لا يمكن إلا أن تكون أخلاقية، وهي تعتمد كليًا على مدى قدرتي على الإقناع، وهذا الأمر ينطبق أيضًا على زملائي عندما يظهرون في مجتمعات دينية غير مجتمعاتهم. على الجانب الآخر، فإن سلطة قداسة البابا لا جدال فيها.

تسايت: هل أنتِ متأكدة من ذلك؟ خسارة سمعة الكنيسة في الوقت الحالي هو أمر فادح.

كرم: لكن ذلك وضع مختلف، فمنظمة أديان من أجل السلام هي منظمة علمانية تسعى إلى توحيد جميع الأديان في العالم، ولا أطالب بأي سلطة على أديان العالم لا سمح الله. ربما تكون الصعوبات التي أواجهها بصفتي أمينًا عامًا مماثلة لتلك التي يواجهها الأمين العام للأمم المتحدة: حيث يتعين عليه أن يحظى باحترام 193 حكومة بينما يتعين عليّ أن أحظى باحترام مئات من ممثلي الأديان. وفي بعض الحالات الحساسة أطلب من نائبي، وهو رجل، أن يتحدث هو من البداية.

التايم (TIME): لماذا؟

كرم: هناك سبب وجيه لزيادة احتمالية الاستماع إليه في مواقف معينة وهو أنه يتمتع بخبرة أكبر. وهناك سبب سخيف لعدم الاستماع إلى المفاوضين من النساء وهو الشعور براحة أكبر عند الاستماع إلى رئيس رجل. قد تكون تلك العملية غير ملحوظة إلا أنها بديهية، ويمكنك حتى ملاحظتها في مؤتمرات زووم، فحين تقول امرأة شيئًا لا تجد أحدً يستجيب، بينما يتفق الجميع إذا قال رجل نفس الشيء. وفيما يتعلق الأديان، أضف إلى ذلك حقيقة أن الرجال لم يتم تهيئتهم اجتماعيًا للاستماع إلى الرؤساء من السيدات.

التايم: على الرغم من ذلك فقد نجحت منظمة أديان من أجل السلام تحت قيادتك: لقد توليت منصبك قبل تفشي جائحة فيروس كورونا، في الأول من شهر مارس عام 2020 …

كرم: … وبعد اسبوعين بدأت الكثير من الدول في تطبيق الإغلاق، وسرعان ما أصبحت نيويورك بؤرة للوباء في الولايات المتحدة، لكننا تكيفنا بسرعة مع الموقف ووظفنا الوقت الذي كنا سنضيعه في السفر للعمل بدلًا من ذلك. فقد تمكنتُ بنفسي من استخدام الكمبيوتر في منزلي في مقاطعة ويستتشستر أول شيء في الصباح بدلًا من القيادة لساعات في المدينة.

تسايت: لقد أعددتِ برنامجًا لحماية الأماكن الدينية من العنف، وقد عُقد مؤتمر عالمي في نهاية عام 2020 في لينداو على بحيرة كونستانس، على أن يكون المؤتمر التالي في بداية شهر أكتوبر. ما الذي حققتِه حتى الآن؟

كرم: أولًا، أنشأنا خلال الجائحة صندوقًا إنسانيًا بين الأديان. جنبًا إلى جنب مع منظمات المساعدة الدينية الرئيسية، أردنا أن نظهر أننا يمكننا أيضًا تقديم الخدمة للآخرين معًا. فعلى أي حال، كل أزمة تسؤدي إلى التفرقة، وبالتالي فإنها اختبار للتماسك والترابط. ثم عززنا المجتمعات المحلية وأنشأنا المجالس الاستشارية بين الأديان لليونيسيف ومفوضية شؤون اللاجئين. كما عززنا مكافحة العدوى في جميع المجتمعات الدينية، ولاحقًا شجعنا التلقيح وتمويل البرامج الإذاعية والفيديوهات التعليمية. تمثلت رسالتنا في: اتبعوا نصائح المنظمات على غرار منظمة الصحة العالمية.

تسايت: هل كان من الصعب إقناع المؤمنين؟

كرم: لم يكن ذلك صعبًا، ولكنني أقر أنه كان من الأسهل على الشباب الاستغناء عن الخدمة أيام الجمعة والسبت والأحد. إلا أن ذلك أدى إلى خسائر كبيرة في التبرعات. أنا شخصيًا لم أجد صعوبة في الصلاة في المنزل. أنا مسلمة ولكن لم يكن من اللازم عليّ التواجد في المسجد بشكل متكرر.

تسايت: وماذا عن الصراعات الدولية التي تتورط فيها الأديان؟

كرم: في ميانمار حيث تتعرض أقلية الروهينجا المسلمة للاضطهاد، نجحنا في جلب القادة السياسيين والعسكريين والدينيين إلى طاولة المفاوضات. كان النرويجيون متعاونين بشكل خاص، وكذلك كان الكاردينال بو الكاثوليكي الأعلى في البلاد. كنا المنصة الوحيدة التي استضافت أي خطابات أو محادثات حدثت على الإطلاق خلال ثلاث سنوات. يتمثل مبدأ منظمة أديان من أجل السلام في جلب السلطات الخارجية التي يحترمها الجميع ويعتبرونها غير متحيزة.

تسايت: هل تعتبرين الأديان اليوم صانعي سلام أم دعاة حرب؟

كرم: يمكن أن يكونوا كلاهما، لكن من المهم بالنسبة لي أن يُنظر إليهم كأحد العوامل. لأنه لا توجد سياسة سلام ناجحة بدون فهم أعمق للدين. كامرأة مسلمة، يؤلمني بطبيعة الحال كيف يُنظر إلى المسلمين في الغرب على أنهم تهديد. لكن لا ينبغي النظر إلى الإسلاموفوبيا (رهاب الإسلام) هذه بمعزل عن غيرها، فهي جزء من تمييز آخر قائم على العقيدة ولون البشرة والجنس وما إلى ذلك. ما يتم التقليل من شأنه هو مقدار العداوة التي تزرعها السياسات بين الأديان.

تسايت: كيف مررتِ بالذكرى السنوية لهجمات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك؟

كرم: أفضل أن أخبرك كيف واجهتُ أحداث الحادي عشر من سبتمبر في ذلك الوقت. كنت قد عدت لتوي في ذلك اليوم من ديربان في جنوب إفريقيا حيث كان ينعقد مؤتمر حول رهاب (كراهية) الأجانب. كنت عائدة إلى المنزل من المطار في سيارة أجرة عندما اصطدمت الطائرة الثانية بمركز التجارة العالمي. لن أنسى أبدًا كيف وصلت الأخبار على الراديو – وكان مذيعو الأخبار في حالة صدمة كاملة وفي حيرة من أمرهم، وكذلك كنا نحن أيضًا. ماذا الذي يحدث؟ أتذكر أيضًا مشاعري المختلطة كمسلمة، فقد شعرت أولًا بالعار أن الإرهابيين المسلمين هم من هاجموا موطني الجديد في نيويورك. على الرغم من أنني مصرية المولد، إلا أنه كان هجومًا على بلادي. ثم شعرت أيضًا بالخوف والغضب.

التايم: لماذا؟

كرم: لأنني كنت متأكدة أنه سوف يتم اعتبار ديني مسؤولًا عن ذلك، وهو ما كان. وقد كان من الصعب تحمل سياسة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لأنها أضرت بنا كمسلمين لدرجة أنه تم إساءة استخدام ديننا لتبرير هذا الرعب المطلق.

تسايت: وكيف تشعرين الآن، بعد مرور عشرين عامًا؟

كرم: كل المشاعر التي راودتني في ذلك الوقت عادت إلى بل وتفاقمت نتيجة فشل الولايات المتحدة في أفغانستان. الدرس الذي تعلمته هو أن الأديان عندما لا تتحالف مع بعضها البعض وتسمح لنفسها أن يتم استغلالها في السياسة، فإنها بذلك تقوم بأسوأ فعل. وينطبق هذا على الإسلاميين والإنجيليين على حد سواء. وهذا بالضبط هو سبب رغبتنا في منظمة أديان من أجل السلام في خلق بيئة لا يهيمن فيها أيّ دين على الآخر. لكي تتحقق الديمقراطية، يجب أن تتعاون الأديان مع بعضها البعض.

تسايت: وماذا تتوقعين من طالبان؟

كرم: ما يزعجني هو أن الناس ببساطة لا يستطيعون أن يفهموا كيف يمكن لطالبان أن تصبح قوية لهذه الدرجة. ينظرون إليهم على أنهم الطرف المعادي وأنهم تهديد من الخارج، إلا أنهم في الواقع أفغان، ولكن النظرة الاستعمارية للأمريكيين منعتهم من رؤية ذلك. لقد رأوا فقط ما أرادوا رؤيته. وهذا يعيدني إلى موضوعي منذ البداية: الغطرسة تمنعنا من فهم طبيعة الصراع. على الغرب الآن أن يتغاضى عن كبريائه وأن يستمع إلى ما يقوله الأفغان، وإلا فإننا لن نستطيع إدراك كيف يمكن للدولة أن تجد السلام.

تسايت: ما أكثر شيء تخافين منه؟

كرم: أن تشعر طالبان أنها محاصرة وتلجأ إلى مهاجمة النساء بصورة خاصة، فإيذاء النساء هو رمز للقوة وهو بمثابة العلم الذي يرفعه الحاكم عاليًا، ومن ناحية أخرى أخشى أن يشجع نجاح طالبان الإسلاميين المتشددين في جميع أنحاء العالم.

تسايت: ما الذي يمكن أن تفعله منظمة أديان من أجل السلام لأفغانستان، وما الذي يمكنكِ تحقيقه كامرأة لا ترتدين حتى الحجاب؟

كرم: أفعل ذلك عند الضرورة. يجب علينا الآن الحرص من استماع أطراف النزاع لبعضهم البعض. نحن الآن في مرحلة التعلم، وليس مرحلة العمل. أفضليتي كامرأة أنه يمكنني أن أكون مضيفة على المائدة المستديرة للأديان دون أن أبدو مهيمنة. يمكنني توجيه الدعوات وطرح الأسئلة. ما يهم هو ما إذا كنا ننجح في الاستماع، والذي هو أكثر طرق صنع السلام التي يتم الاستهانة بها.

 

أجرت المقابلة إيفلين فينجر (Evelyn Finger)

 

 

سيُعقد المؤتمر القادم للاتحاد العالمي للزعماء الدينيين في لينداو في الفترة من الرابع إلى السابع أكتوبر.

وسوف ينصب التركيز على “حوار الأجيال “. للمزيد يرجى زيارتنا على www.ringforpeace.org

 

Translate »